سورة الأعراف - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأعراف)


        


{وَلِكُلّ أُمَّةٍ أَجَلٌ} مدة، أو وقت نزول العذاب بهم وهو وعيد لأهل مكة. {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ} انقرضت مدتهم، أو حان وقتهم. {لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} أي لا يتأخرون ولا يتقدمون أقصر وقت، أو لا يطلبون التأخر والتقدم لشدة الهول.
{يابنى آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي} شرط ذكره بحرف الشك للتنبيه على أن إتيان الرسل أمر جائز غير واجب كما ظنه أهل التعليم، وضمت إليها ما لتأكيد معنى الشرط ولذلك أكد فعلها بالنون وجوابه: {فَمَنِ اتقى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}.
{والذين كَذَّبُواْ بئاياتنا واستكبروا عَنْهَا أُوْلَئِكَ أصحاب النار هُمْ فِيهَا خالدون} والمعنى فمن اتقى التكذيب وأصلح عمله منكم والذين كذبوا بآياتنا منكم، وإدخال الفاء في الخبر الأول دون الثاني للمبالغة في الوعد والمسامحة في الوعيد.
{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بئاياته} ممن تقول على الله ما لم يقله أو كذب ما قاله. {أُوْلَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مّنَ الكتاب} مما كتب لهم من الأرزاق والآجال. وقيل الكتاب اللوح المحفوظ أي مما أثبت لهم فيه. {حتى إِذَا جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ} أي يتوفون أرواحهم، وهو حال من الرسل وحتى غاية لنيلهم وهي التي يبتدأ بعدها الكلام. {قَالُواْ} جواب إذا {أَيْنَمَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ الله} أي أين الآلهة التي كنتم تعبدونها، وما وصلت بأين في خط المصحف وحقها الفصل لأنها موصولة. {قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا} غابوا عنا. {وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كافرين} اعترفوا بأنهم كانوا ضالين فيما كانوا عليه.
{قَالَ ادخلوا} أي قال الله تعالى لهم يوم القيامة، أو أحد من الملائكة. {فِى أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم} أي كائنين في جملة أمم مصاحبين لهم يوم القيامة. {مّنَ الجن والإنس} يعني كفار الأمم الماضية عن النوعين. {فِى النار} متعلق بادخلوا. {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ} أي في النار. {لَّعَنَتْ أُخْتَهَا} التي ضلت بالاقتداء بها. {حَتَّى إِذَا اداركوا فِيهَا جَمِيعًا} أي تداركوا وتلاحقوا واجتمعوا في النار. {قَالَتْ أُخْرَاهُمْ} دخولاً أو منزلة وهم الأتباع. {لأولاهم} أي لأجل أولاهم إذا الخطاب مع الله لا معهم. {رَبَّنَا هَؤُلاء أَضَلُّونَا} سنوا لنا الضلال فاقتدينا بهم {فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ} مضاعفاً لأنهم ضلوا وأضلوا. {قَالَ لِكُلّ ضِعْفٌ} أما القادة فبكفرهم وتضليلهم، وأما الأتباع فبكفرهم وتقليدهم. {ولكن لاَّ تَعْلَمُونَ} ما لكم أو ما لكل فريق. وقرأ عاصم بالياء على الانفصال.
{وَقَالَتْ أولاهم لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ} عطفوا كلامهم على جواب الله سبحانه وتعالى: {لاِخْرَاهُمْ} ورتبوه عليه أي فقد ثبت أن لا فضل لكم علينا وإنا وإياكم متساوون في الضلال واستحقاق العذاب.
{فَذُوقُواْ العذاب بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ} من قول القادة أو من قول الفريقين.
{إِنَّ الذين كَذَّبُواْ بئاياتنا واستكبروا عَنْهَا} أي عن الإِيمان بها. {لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أبواب السماء} لأدعيتهم وأعمالهم، أو لأرواحهم كما تفتح لأعمال المؤمنين وأرواحهم لتتصل بالملائكة. والتاء في تفتح للتأنيث الأبواب والتشديد لكثرتها، وقرأ أبو عمرو بالتخفيف وحمزة والكسائي به وبالياء، لأن التأنيث غير حقيقي والفعل مقدم. وقرئ على البناء للفاعل ونصب الأبواب بالتاء على أن الفعل للآيات وبالياء لأن الفعل لله. {وَلاَ يَدْخُلُونَ الجنة حتى يَلِجَ الجمل فِى سَمّ الخياط} أي حتى يدخل ما هو مثل في عظم الجرم وهو البعير فيما هو مثل في ضيق المسلك وهو ثقبة الإِبرة، وذلك مما لا يكون فكذا ما يتوقف عليه. وقرئ: {الجمل} كالقمل، والجمل كالنغر، والجمل كالقفل، والجمل كالنصب، و{الجمل} كالحبل وهو الحبل الغليظ من القنب، وقيل حبل السفينة. وسم بالضم والكسر وفي سم المخيط وهو والخياط ما يخاط به كالحزام والمحزم. {وكذلك} ومثل ذلك الجزاء الفظيع. {نَجْزِى المجرمين}.


{لَهُم مّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ} فراش. {وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} أغطية، والتنوين فيه للبدل عن الاعلال عند سيبويه، وللصرف عند غيره، وقرئ: {غَوَاشٍ} على إلغاء المحذوف. {وكذلك نَجْزِى الظالمين} عبر عنهم بالمجرمين تارة وبالظالمين أخرى إشعاراً بأنهم بتكذيبهم الآيات اتصفوا بهذه الأوصاف الذميمة، وذكر الجرم مع الحرمان من الجنة والظلم مع التعذيب بالنار تنبيهاً على أنه أعظم الإِجرام.


{والذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات لاَ نُكَلّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَئِكَ أصحاب الجنة هُمْ فِيهَا خالدون} على عادته سبحانه وتعالى في أن يشفع الوعيد بالوعد، ولا نكلف نفساً إلا وسعها اعتراض بين المبتدأ وخبره للترغيب في اكتساب النعيم المقيم بما تسعه طاقتهم ويسهل عليهم. وقرئ لا تكلف نفس.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11